يقول والدي المقاوم: سلمة ولد سيدي مولود في سرده لمرحلة جيش التحرير في الصحراء:
" بعد نجاح العملية الجراحية التي أجريت لي من أثر إصابة ساقي في معركة جبل "تكل" شمال موريتانيا.
تصادف خروجي من مستشفى كلميم مع آخر فوج من وفود شيوخ و أعيان القبائل الصحراوية المتوجه إلى "الرباط" لمبايعة السلطان محمد الخامس و تهنئته على عودته لعرش أسلافه. و عرضت علي قيادة جيش التحرير مرافقتهم حتى أستكمل نقاهتي، و يعاد تنظيم الجيش من جديد.
كنا في الأيام الاولى من شهر أبريل عام 1957. أقلتنا شاحنات تابعة لجيش التحرير. و تم استقبال المجموعة التي كنت من ضمنها في إحدى الاقامات بالرباط. و قد ناهز مجموع الوفود القادمة من الجنوب ما بين 200 الى 300 شخص ضمت أغلبية شيوخ و أعيان قبائل الصحراء.
و أذكر من الشخصيات الوازنة التي ضمها وفد قبيلة الرقيبات الذي رافقته:
- من رقيبات الشرق:
خطري ولد الجماني (لبيهات)،
الصالح ولد احنيني (لبيهات) ،
سيدمو ولد إبراهيم ولد أسعيد (لبيهات)
لحبيب ولد البلال (أهل براهيم وداوود) ،
أبا الشيخ ولد السالك ولد أباعلي ( براهيم وداوود) ،
بومراح ولد الصالح (براهيم وداوود)
من رقيبات الساحل
محمود ولد الخليل (أولاد موسى)،
صيلة ولد اعبيدة (اولاد الشيخ)
باتة ولد أعبيدة (اولاد الشيخ)،
سلامة ولد الخليل (اولاد موسى) ،
أحمد ولد حمادي(اسواعد) ،
محمد عبد الرحمان ولد عالي (تهالات)
في اليوم الثالث بعد مجيئنا إلى الرباط، و بينما كنت في بهو مقر اقامة الوفد، دخل شخصان يسألان عن وفد الرقيبات.
سألتهما: من انتما و في ماذا تريدان الرقيبات؟.
عرفا عن نفسيهما بأنهما: الوزير علال الفاسي و الوزير أحمد بلافريج.
و بعد ان عرفا أني من الرقيبات. قالا بأنهما مبعوثين من قبل السلطان محمد الخامس لتحضير وفد قبيلة الرقيبات للقائه.
في الاثناء إنضم إلينا:حبوها ولد لعبيد. و طلب منا الوزراء ان اقتضى الامر اختيار من يساعدنا في تجميع شيوخ قبيلة الرقيبات من بين الوفود الكثيرة المنتشرة في الاقامات بالمدينة. فالسلطان يريد الاجتماع بهم على انفراد.
في نفس اليوم عاد الوزراء، و وجدونا قد جمعنا الوفد. أخذونا الى قاعة ليست بعيدة، و طلبوا من الجميع الجلوس في انتظار قدوم السلطان. و حثوا على ان نبقى جلوس عند دخوله علينا.
لم يتأخر السلطان كثيرا حتى دخل علينا و خلفه دخل الوزراء بلا فريج و علال الفاسي و من خلفهم "بن حمو" المقيم العام لجيش التحرير.
لم يلتزم الحضور بما طلب منهم. ففور دخول السلطان للقاعة هبوا جميعا للسلام عليه و تحيته.
بعد السلام طلب منا السلطان الجلوس، ثم سأل: هل كلكم رقيبات؟.
قالوا نعم. الا واحد (ولد دحمان ولد بيروك) من قبيلة "أيت موسى و أعلي" جاء رفقة صهره "ابا الشيخ ولد اباعلي"، وقف و قال: الا انا لست من الرقيبات.
طلب منه السلطان الجلوس. و خاطبنا قائلا: "مرحبا بالرقيبات.. من منكم في مثل سني فهو اخي و من منكم اكبر مني فهو ابي و من منكم أصغر مني فهو ابني.. الدار داركم.. الخير لا يقربكم منها و الشر لا يبعدكم عنها.. و غيركم نعطيه و نرغبه و الثالثة نرجوا من الله ما نوصلو لها معاه (يقصد نكرهه).
و و أثنى السلطان على انخراط القبيلة بكافة مكوناتها في مقاومة المستعمر و دعمها لجيش التحرير. و من جملة ما قاله، بعد شكره للحضور على مساهمتهم في المقاومة:
"فيما يتعلق بشئون المقاومة فمنسقنا معكم سيكون "بن حمو" و كان يقف خلف السلطان.
و أضاف جزئية أخرى: "بالنسبة للإسبان حاولوا ان تتجنبوا التصادم معهم، فبيننا و بينهم إتفاق".
كان لقاءا تاريخيا، فلأول مرة يحصل تواصل مباشر بين أحد السلاطين و شيوخ و أعيان جميع قبائل الصحراء. و خاصة قبيلة الرقيبات الاكثر تعدادا و انتشارا في الساقية الحمراء و جوارها. فقد كان على رأس المبايعين زعماء مراكز ثقل القبيلة في وسط و شرق و جنوب الصحراء:
خطري ولد الجماني (شيخ وسط و شمال الصحراء)
لحبيب ولد البلال (شيخ شرق الصحراء)
محمود ولد الخليل (شيخ جنوب الصحراء).
و من المفيد التذكير بأن الصحراء كانت وقتها ما زالت مستعمرة من طرف الاسبان. و لم يثني ذلك أعيانها و رموزها من الذهاب الى الرباط لتهنئة السلطان على عودته للعرش و مبايعته. و أكثر من ذلك فقد كان لذلك اللقاء الأثر الكبير في بعث الروح من جديد في جيش التحرير في الجنوب، بعد ان كادت عملية "أطار" شمال موريتانيا أن تقضي عليه في المهد.
فبعد أشهر قليلة سيصبح تعداده بالآلاف و و يهدد المصالح الفرنسية و الاسبانية في المنطقة لدرجة ان فرض عليهم التحالف و القيام بعملية أكفيون الشهيرة بعد قرابة (10) أشهر من اللقاء مع السلطان.
الصور المرفقة:
- صورة من لقاء السلطان مع الشيخين:
لحبيب ولد البلال زعيم رقيبات الشرق
محمود ولد الخليل زعيم رقيبات الساحل (الجنوب).
- صورة من لقاء الملك الحسن الثاني مع الشيخ خطري ولد الجماني زعيم رقيبات الوسط
📝 مصطفى سلمى ولد سيدي مولود
Tags:
وطنية